کد مطلب:281440 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:246

کیف ننتظر الفرج؟
هل لأنتظار الفرج هناك قیمة أساسیة فی الإسلام؟

وهل یشكل الانتظار عملاً مهماً فی استمراریة الحركة الإسلامیة؟

وهل له تأثیر نفسی فی روحیة المجاهدین العاملین؟

إن الأحادیث التی تطرقت إلی موضوع الانتظار تشحن همم المجاهدین وترفع من معنویات المنتظرین، والیك بعضها:

عن أمیر المؤمنین علیه السلام عن الرسول الأكرم صلی الله علیه و آله و سلم: - أفضل أعمال أمّتی انتظار الفرج-.

وعن أمیر المؤمنین علیه السلام: - انتظروا الفرج ولا تیأسوا من روح الله فإن أحبّ الأعمال إلی الله عز وجل انتظار الفرج..-.

وعن الرسول الأكرم صلی الله علیه و آله و سلم: - سلوا الله من فضله فإن الله عز وجل یحب أن یسأل وأفضل العبادة انتظار الفرج-.

علی ضوء هذه الأحادیث نتساءل: كیف یكون انتظار الفرج من أفضل الأعمال؟ وكیف یكون من أحب الأعمال إلی الله تعالی؟ وكیف یكون من أفضل العبادة؟.

قبل الإجابة علی هذه الأسئلة لابد لنا من معرفة معنی (انتظار الفرج) وحقیقة الأنتظار، فهل انتظار الفرج هو الوقوف أمام المشاكل والمآسی والمظالم مكتوفی الأیدی حتی یتحقق الفرج من قبل الله عز وجل؟ أم أن الانتظار له معنی صحیحاً علی خلاف ما تصوّره البعض خطأ؟

فی الحقیقة إننا لا نستطیع أن نعرف معنی الانتظار إلا من خلال التعامل والفهم العرفی لهذه الكلمة. فالناس حینما ینتظرون قدوم ضیف عزیز لهم یبادرون إلی تهیئة المكان وشراء أفضل المأكولات والمشروبات فرحة بقدومه، وتلبیة لحاجاته.. ولیس مجرد وضع الید علی الأخری من دون تحریك ساكن. هذه هی حقیقة الانتظار عرفاً ومن هنا إذا رأینا الأحادیث تتحدث عن فضل الانتظار بأنه أحب الأعمال إلی الله سبحانه وأفضلها، فهی تعنی الانتظار من باب الاستعداد وتهیئة الأرضیة لاستقبال الإمام، ولیس بمعنی السكوت والجمود، والخمول، وذلك لأن الانتظار إذا كان بمعنی السكوت والوقوف أمام المفاسد والمظالم فی حالة من التفرج إلی أن تعم العالم كله.. فهذا لا یعتبر عملاً وحركة مباركة، بل هو استسلام للواقع المتردی، وتفرج علی الوضع المأساوی، فكیف یكون هذا من أفضل الأعمال ومن أحبها إلی الله عز وجل؟! بل هو فی الحقیقة لیس بعمل أصلاً حتی یكون (أفضل الأعمال)؟.

إن هذا الأمر لا یقبله العقل ولا یرتضیه الوجدان، فهل یكون مقبولاً لدی الشارع الإسلامی المقدس؟

هذا أمر مستحیل، بل هو أمر مرفوض جملة وتفصیلاً لأنه كیف یكون مقبولاً فی الإسلام، فی الوقت الذی یحرّض فیه القرآن الكریم علی الجهاد وقتال الأعداء، ویأمر المسلمین بالأمر بالمعروف والنهی عن المنكر، وضرورة القیام بالعمل الصالح (وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَیَرَی اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) (التوبة:105)..

بل كیف یرتضی الدین الإسلامی التفرج علی ظلم الظالمین وجولات الفاسقین وطغیان الطواغیت... فی حین أن الله سبحانه یبین فی قرآنه الحكیم وعلی لسان نبیه الكریم حقیقة التمسك بحبل الله ألا وهو الكفر بالطاغوت والإیمان بالله، بحیث أصبح رفض الطاغوت مقدمة لحقیقة الإیمان بالله عز وجل)فَمَنْ یَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَیُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَی لا انْفِصَامَ لَهَا ) (البقرة:256) وهو الآمر فی كتابه العزیز بوجوب القتال فی سبیله والدفاع عن المستضعفین: (وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِینَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِینَ یَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هذِهِ الْقَرْیَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِن لَدُنْكَ وَلِیّاً وَاجْعَلْ لَنَا مِن لَدُنكَ نَصِیراً) (النساء:75)

من خلال هذه الآیات المباركة الكثیرة من أمثالها فی الكتاب العزیز یتضح كاملاً فساد العقلیة التی تؤمن بأن معنی الانتظار هو السكوت علی الجرائم والمظالم والقبول بالواقع الفاسد واختیار الصمت المطلق تجاه جرائم المجرمین والمفسدین. فالانتظار عبارة عن تهیئة الظروف وترتیب الأمور بانتظار قدوم المولی.

فالانتظار لا یتحقق إلا إذا كان الفرد جاداً فی إصلاح نفسه وتغیر ذاته بما یحبه المولی حین قدومه إلیه كما وأن الفرد لا یصدق علیه بأنه منتظر إلا إذا كان منهمكاً فی إصلاح مجتمعه وأمته كما یریده الإمام علیه السلام. فللانتظار معنی أعلی وأسمی مما فهمه المتخاذلون والمتكاسلون، فالانتظار یعنی انتظار نجاح العمل بعد البدء فی مباشرته والاستمرار فی مواصلته برغم المشاكل والمصاعب، والانتظار أیضاً هو الأمل فی الفوز مع الاجتهاد فی التضحیة والفداء. وانتظار الفرج اسم علی حقیقة القیام بالعمل الدؤوب بأمل انفراج الأزمات، وانكشاف الظلمات وانجلاء الكربات بالأعمال والتضحیات والإصرار علی المواجهة، فلا تنفرج الأزمات إلاّ بالجد والاجتهاد ولا تنجلی الأحزان والكربات إلاّ بمواصلة الاجتهاد فی الدفاع عن حریم الإسلام، وأن الواقع المأساوی للأمة لا یتغیر إلاّ أن تغیر الأمة من واقعها المتخلف، وإرادة التغییر والإصرار فی مواصلة المهمة والانطلاق للقیام بواجب الجهاد والعمل وترك التكاسل والإتكالیة حتی یتحقق الأمل المنشود وقد صرّح القرآن الكریم بذلك قائلاً: (إِنَّ اللَّهَ لاَ یُغَیِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّی یُغَیِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ) (الرعد:11).

ومن الطبیعی أن الفرج لا یأتی إلاّ بعد مصارعة الأهواء ومقاتلة الأعداء والعمل بجد واجتهاد، وعدم الیأس من نصر الله جل جلاله، ولذا یكون انتظار الفرج هو (أفضل الأعمال) لأنه یعطی الأمل للناس، ویدفع بالإنسان إلی القیام بأداء الواجبات والفرائض والوظائف علی أحسن وجه بأمل الفوز والانتصار.

ولذا فالانتظار (عمل) ولیس صمتاً، وهو جهاد ولیس تفرجاً علی المآسی، وإلاّ لكان فی هذا المعنی السلبی للانتظار عند البعض إحباط لمعنویات المجاهدین وتشجیع فی التراجع عن القیام بالواجبات والفرائض وإفساح المجال لكل المجرمین والظالمین بارتكاب المفاسد والجرائم.

إذن فالانتظار لیس بمعنی السكوت والتفرج بل هو انتظار للنتائج بعد أداء الأعمال والواجبات تماماً كما یقوم المزارع بالحرث والبذر والسقی والمحافظة علی زراعته بانتظار بلوغ الثمار وحصد حاصل زرعه. وإذا ذَكّرت فی بعض الروایات بضرورة التقیة وعدم القیام بحركة الید والرجل فهو لیس بمعنی عدم العمل والقیام بالفرائض والواجبات الإسلامیة من الجهاد والأمر بالمعروف والنهی عن المنكر بشكل مطلق وفی كل زمان ومكان، بل المراد من ذلك هو توقیف العمل العلنی من الجهاد والدفاع عن المقدسات الإسلامیة فی تلك الحالات الخانقة بشكل مؤقّت حیث الظروف تقتضی التستر فی القیام بالأعمال، من هنا نعرف أن النهی الذی جاء من قبل أهل البیت علیهما السلام بعدم القیام بالثورة والجهاد المسلح إنما هو حالة استثنائیة فی ظروف صعبة وحالات خاصة، لأن لكل زمان ومكان متطلباته وواجباته الشرعیة، فقد یتطلب فی عصر من العصور القیام بالثورة والانتفاضة، وفی عصر آخر التقیة والتستر فی العمل والتحرك. وهذا لا یعنی عدم العمل والقیام بالواجبات بشكل عام، بل المراد منه القیام بالمهام والواجبات بشكل سری فی ظروف سیطرة الطغاة والظالمین حین بطشهم وفورة طغیانهم، وهذا أمر نستطیع أن نعرفه من حیاة أهل البیت علیهما السلام وأصحابهم المخلصین حیث كانوا یؤدّون الأعمال بشكل علنی ویقومون بالأمر بالمعروف والنهی عن المنكر بصورة مكشوفة ویخوضون الصراع من أجل إعلاء كلمة الإسلام والقیام بالنهضة والثورة المسلحة فی زمان مناسب كما فی عهد سید الخلق رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم وفی عهد سیدنا ومولانا أمیر المؤمنین علیه السلام، وعصر الإمام الحسین علیه السلام... وفی زمان آخر كانت الظروف والأزمات الخانقة تفرض علیهم القیام بالواجبات الرسالیة بشكل سرّی بعیداً عن أعین الظلمة وجواسیسهم، كما هو الملاحظ فی الظروف التی كانت سائدة فی عهد الإمام زین العابدین والإمام الكاظم والإمامین العسكریین علیهما السلام. فأهل البیت علیهما السلام كانوا یمارسون أعمالهم بأحسن وجه ولكن فی سریة مطلقة.

إذن فالتقیة والانتظار لیس بمعنی الكف عن العمل واختیار الصمت المطلق والسكوت الممیت عن جرائم الظالمین والتراجع عن هدایة الناس والأمر بالمعروف والنهی عن المنكر والدفاع عن المستضعفین، فمن خلال تاریخ أهل البیت نلاحظ أنهم كانوا یقومون مع أتباعهم المخلصین بهذه الواجبات ولكن فی غایة الخفاء والسریة التامة.

فالإنسان بحاجة إلی أمل النجاح، وانتظار الفرج حین القیام بالواجبات، وكلما ازدادت الظروف صعوبة والأزمات شدة، فعلی المرء أن یقاوم الیأس والقنوط الذین طالما یراودانه إذا طال الأمد، وعلیه أن یربط انتظاره للفرج بالقیام بأداء الأعمال علی أمل انفراج الأزمات، وتغیر الظروف والأحوال، وبهذا الأمل یواصل المرء مسیرته النضالیة وتحركاته الرسالیة ونشاطاته الإیمانیة رغم كل الظروف والأحوال السیئة ورغم كثافة ونوعیة المشاكل والأزمات.

فانتظار الفرج وعدم الیأس من تغیر الأوضاع السیئة وانتظار التغییر وعدم القنوط من روح الله، هو فی حد ذاته أكبر دافع للإنسان لمواصلة مسیرته الجهادیة وتحركاته الإیمانیة، وقد أمر الله عز وجل المؤمنین بمواصلة العمل حیث قال عز وجل: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَیَرَی اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) (التوبة:105) وفی آیة أخری فی بیان الفائزین برضوان الله وبالجنان ویقول عز وجل: (وَالْعَصْرِ - إِنَّ الإِنسَانَ لَفِی خُسْرٍ - إِلاَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ) (العصر1-3). فالعمل والنشاط والحركة لها نتائجها الحسنة فی المجتمع حیث أن كل الأعمال بمرأی ومسمع من الله سبحانه والرسول الأكرم وأهل البیت الأطهار علیهما السلام، فهی تعطی نتائجها كل حین بإذن الله تعالی. وانفراج الأزمات تكون كلما اشتدت الأمور ضیقاً، وقد حذر الله سبحانه بشدة الذین ینتابهم الیأس من التغییر والقنوط من الانفراج، نتیجة تردی الأوضاع واشتداد الأزمات، واعتبر سبحانه الذین ییأسون من رحمته هم الكافرون، لأن الیأس لا یدخل فی قلب المؤمن بالله وبرسوله. (إِنَّهُ لاَ یَیْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ) (یوسف:87).

والقنوط لا یقتحم إیمان المرء المسلم بالتغییر حتی لو أطبقت الدنیا علیه شدة وخناقاً وحتی لو احتشدت علیه عساكر الأعداء، فإیمان المسلم بالله وبنصره وبروحه أقوی من بطش الأعداء وأعلی من كل شدة، وانتظار التغییر والتبدیل أمله الذی یحدو به إلی العمل والجد والنشاط وهو یعلم مسبقاً أن لیس علیه إلاّ العمل ومواصلة النضال فی كل الظروف والأحوال أما سراً أو جهراً فالفرج من الله والنصر من عنده وما علی المؤمنین إلاّ التوكل علیه سبحانه والجهاد فی سبیله والتضحیة والفداء لمرضاته.

ولهذا كان الانتظار أفضل الأعمال وأحبها إلی الله عز وجل، لأنه بانتظار الفرج یسهل للإنسان اقتطاف ثمار جهاده فی الدنیا والسعادة فی الآخرة لنیل ثواب أعماله وتضحیاته. وهناك أمل عظیم یحدو بالإنسان المجاهد ألا وهو الفوز الحقیقی فی آخر المطاف، حیث سیكون للمؤمنین نصر عظیم فی الدنیا علی جمیع الظالمین والمجرمین وستكون لهم دولة كبیرة تحكم الكرة الأرضیة بقیادة أعظم شخصیة من آل الرسول صلی الله علیه و آله و سلم ألا وهو الإمام المهدی المنتظر عجل الله فرجه ولیس عبثاً أن سمّی الإمام الغائب بالمنتظر لأنه علیه السلام یشارك المؤمنین بانتظار الفرج الإلهی أیضاً. فالكل بانتظار الرحمة السماویة والإذن الإلهی بما فیهم الإمام المعصوم علیه السلام، وهذا وعد ربانی محتوم لا خلف فیه ولا تبدیل، فالمنتظر لأمر الله وهو یقوم بأداء واجباته الشرعیة كالمتشحط بدمه فی سبیل الله لأنه فی حالة أداء مهامه وفرائضه فی أحلك الظروف وأصعب الحالات، وكما قال الإمام الصادق علیه السلام عن أمیر المؤمنین علیه السلام: -... والمنتظر لأمرنا كالمتشحط بدمه فی سبیل الله-.

ومن هنا یُمتحن الشیعة فی فترة الغیبة بمدی صبرهم وانتظارهم للفرج، ولذا سمیت الفئة المناضلة المجاهدة فی سبیل الله الصابرة علی المصاعب والمشاكل المتحملة للشدائد والآلام، سمیت فی الروایات بالعصابة أو العصبة، لأنها حقاً متعصبة ومشدودة للعمل لا تصرفها المطامع والأهواء ولا تزحزحها المصاعب والأزمات بل تعتبر الفتن والمشاكل اختبارات وامتحانات، وعلیهم أن یتحملوها لبناء أنفسهم أولاً ولنیل الدرجات فی الآخرة ثانیاً.

وفی حال تسلط الفجار والطغاة علی المتقین المؤمنین، وسیطرتهم علی الناس، فعلی الموحدین أن لا ییأسوا من تغیر الظروف وتبدل الأحوال، وإن كانت الظلمات تعم الكرة الأرضیة من الفجور والطغیان. فأمل حدوث تبدد الظلمات وتغیر الحالات وحدوث الانقلابات فی النفوس والقلوب أمر ممكن وقوعه فی أی لحظة بإذن الله ما دام هناك جهاد ونضال وأمل فی التغییر وانفراج للأوضاع بنصر من الله عز وجل، وهذا النصر سیأتی حتما والفرج سیحدث یقیناً بمشیئة الله سبحانه، وهذا وعد الهی لا تبدیل فیه ولا خلف وان طال لیل الظلمات وحكومة الطغاة، ولكن علی المؤمنین العمل الدؤوب والجهاد المتواصل بانتظار هذا الفرج العظیم كما بشرنا به القرآن الكریم (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِی الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ یَرِثُهَا عِبَادِیَ الصَّالِحُونَ) (الأنبیاء:105). وبشرنا به أهل البیت المطهرون علیهما السلام فی أحادیثهم الشریفة التی نورد فیما یلی بعضاً منها وهی تبین فضیلة انتظار الفرج وكیف أنها من أفضل الأعمال وأحبها إلی الله سبحانه: